ولادة النبي محمد(ص)
من الأمور الواضحة في حياة الرسول الأكرم(صلى الله عليه و آله) انه لم يتعلم و لم يتتلمذ على يد احد، و لم يطلع على مقال أو كتاب.و لم يدع له ذلك أيّ مؤرخ سواء كان مسلما أو غير مسلم لا في دور طفولته أو شبابه و لا بالأحرى في دور الكهولة و الشيخوخة و هو دور الرسالة.
كما أنه لم يذكر احد أو يعرض سندا يوضّح أنه(صلى الله عليه و آله) قد قرأ سطرا واحدا أو كتب كلمة واحدة قبل عصر البعثة. لقد كان العرب آنذاك و بالأخص عرب الحجاز أناسا اميين و كان الذين يستطيعون القراءة و الكتابة يعدون بالأصابع و يشار اليهم بالبنان؛ فلا يمكن و الأمر كذلك أن نتصور وجود شخص يتقن القراءة و الكتابة في هذه البيئة و لا يعرف عنه ذلك.
و نحن نعلم ان معارضي الرسول الأكرم(صلى الله عليه و آله) اتهموه آنذاك بالإستماع الى الآخرين و نقل تعاليمه منهم. و لكنهم لم يتهموه مطلقا بأنه كان يعرف القراءة و الكتابة؛ فهو مثلا يحتفظ بكتب لديه يستل منها المواضيع و يستفيد منها... وهو اتهام قريب تصوره لو كان النبي يلم أقل إلمام بالقراءة و الكتابة.
اعترافات الآخرين
و لم يجد المستشرقون الذين ينظرون بعين النقد الدقيق للتاريخ الإسلامي اي اشارة الى وجود معرفه له(صلى الله عليه و آله) بالقراءة و الكتابة و لذا فقد اعترفوا بأنه كان أميا ترعرع في أمة امية. يقول كارليل في كتابه"الأبطال": يجب ان لا ننسى شيئا و هو ان محمدا لم يتلق اي تعليم لدى أي معلم فقد كانت صناعة الخط قد وجدت حديثا بين الشعب العربي. اعتقد ان الحقيقة هي ان محمدا لم يكن يعرف الخط و القراءة و لم يكن يعرف إلا حياة الصحراء.
و يقول ويل ديورانت في كتابه"قصه الحضارة":
"الظاهر انه لم يكن احد يفكر في تعليمه(أي تعليم الرسول الأكرم) القراءة و الكتابة. فلم تكن صناعة الكتابة و القراءة ذات أهمية في نظر الأعراب و لهذا لم يكن يتجاوز الذين يعرفون القراءة و الكتابة السبعة عشر شخصا. و لسنا نعلم ان محمدا قد كتب شيئا بنفسه. لقد كان له كاتب خاص بعد النبوة و مع ذلك فقد جرى على لسانه أعرف الكتب العربية و اشهرها و قد عرف دقائق الامور أفضل بكثير من المتعلمين".
ويقول جان ديوث يورث في كتابه(الإعتذار الى محمد و القرآن):"و حول التعليم و التربية ـ كما هو متداول في العالم ـ يعتقد الجميع ان محمدا لم يتعلم و لم يعرف سوى ما كان متداولا في قبيلته".
و يقول كونستان ورجيل غيورغيو في كتابه(محمد! النبي الذي تجب معرفته من جديد):"مع أنه كان أميا فإنا نجد الحديث عن القلم و العلم اي الكتابة و التكتيب، و التعلم و التعليم في أوائل الآيات النازلة عليه، و لم يكن في أي من الأديان الكبرى اهتمام شامل بالمعرفة و لا يمكن ان نجد دينا يحتل العلم و المعرفة فيه محلا بارزا كما كان الامر في الإسلام. و لو كان محمد عالما لما كان في نزول هذه الآيات عليه في غار حراء مجال تعجب لان العالم يعرف قدر العلم، و لكنه كان اميا و لم يدرس على أي معلم. و أنا بدوري أهنيء المسلمين على احتلال طلب المعرفة هذا المقام السامي في مبدئهم."
و يقول غوستاف لوبون في كتابه(الحضارة العربية الإسلامية): المعروف ان النبي كان أميا و هو يطابق القياس و القاعدة إذ لو كان من أهل العلم لكان ارتباط مطالب القرآن و مواضيعه أفضل مما هو عليه الآن بالإضافة أنه مطابق للقياس أيضا من جهة انه لو لم يكن أميا لما استطاع أن يأتي بمذهب جديد و ينشره، ذلك ان الانسان الأمي هو أعلم و أكثر معرفة باحتياجات الجهال، و هو يستطيع بشكل أفضل أن يسير بهم الى الصراط السويّ. و على اي حال و سواء كان أميا أم لم يكن فليس هناك اي ريب في كونه يمتلك أرقى عقل و فراسة و ذكاء".
و رغم ان غوستاف لوبون لم يكن يستوعب المفاهيم القرآنية من جهة و رغم أفكاره المادية من جهة اخرى مما لم يجعله يدرك الترابط بين الآيات القرآنية و دفعه لأن يطرح كلاما سخيفا حول عجز العالم عن معرفة احتياجات الجاهل و بالتالي يوجّه الإهانة للقرآن و النبي، رغم كل هذا فهو يعترف بعدم وجود أي سند أو علامة على وجود سابق معرفة لنبي الإسلام بالقراءة و الكتابة.
و الواقع اننا لم نكن نهدف من خلال نقل عبائر هؤلاء الى الاستشهاد بحديثهم فإن المسلمين هم أولى بإظهار النظر في تاريخ الاسلام من غيرهم و إنما كنا نهدف الى التأكيد لكل اولئك الذين لا يمتلكون بأنفسهم مطالعات تاريخية على أنه لو كانت هناك أية علامة في هذا المجال فإنها لم تكن لتخفى على المؤرخين الباحثين و النقاد من غير المسلمين.
و لقد كان للرسول الأكرم(صلى الله عليه و آله) لقاء سريع مع راهب يُدعي(بحيرا) في احدى فترات استراحته في طريقه من مكة الى الشام بصحبة عمه أبي طالب. و لقد استأثر هذا اللقاء السريع باهتمام المستشرقين فراحوا يتساءلون: هل تعلم النبي شيئا خلال هذا اللقاء القصير؟ فإذا كانت هذه الحادثة الصغيرة قد جلبت أنظار المخالفين القدامى و الجدد فإنه بالأحرى ان يجلب انتباههم وجود أي سند يدل على سابق معرفة للرسول الأكرم بالقراءة و الكتابة و عدم خفاء ذلك عليهم. بل أن مثل هذا السند ـ لو وجد ـ سوف يقع حتما تحت مجاهرهم التي تكبره مرات عديدة. و لكي توضح هذا الامر ينبغي ان يتناول البحث مجالين:
الاول: مجال ما قبل البعثة
الثاني: مجال ما بعد البعثة
و يجب ان نركز في مجال ما بعد البعثة على القراءة و الكتابة و سوف نجد ان المسلم و القطعي الذي يتفق عليه علماء المسلمين و غيرهم انه(صلى الله عليه و آله) لم تكن له أي معرفة بهما قبل البعثة و لكن الأمر ليس كذلك و بهذا المستوى من الوضوح بالنسبة لعصر الرسالة. فالذي يقرب من الواقع في هذا العصر انه لم يكن يكتب اما عدم قراءته فقد وقع فيه خلاف و يظهر من بعض الروايات الشيعية انه(صلى الله عليه و آله) كان يقرأ في عصر البعثة دون أن يكتب و ان كانت الروايات الشيعية مختلفة و غير متطابقة على ذلك. و لكن الذي نستفيده من مجموع القرائن و الدلائل هو انه(صلي الله عليه و اله) لم يكن يقرأ أو يكتب حتى في عصر البعثة.
و لمعرفة عصر ما قبل الرسالة يلزمنا البحث عن الوضع العام للقراءة و الكتابة في الجزيرة العربية.
و ما يستفاد من التواريخ أنه إبان ظهور الاسلام لم يكن هناك سوى أفراد معدودين يعرفون القراءة و الكتابة.
يحدثنا البلاذري في آخر كتابه(فتوح البلدان) رواية يقول فيها: دخل الإسلام و في قريش سبعة عشر رجلا كلهم يكتب: عمر بن الخطاب، و علي بن ابي طالب، و عثمان بن عفان، و أبو عبيدة الجراح، و طلحة، و يزيد بن أبي سفيان، و أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، و حاطب بن عمرو أخو سهيل بن عمرو العامري من قريش و أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، و ابان بن سعيد بن العاص بن أمية، و خالد بن سعيد أخوه، و عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، و حويطب بن عبد العزي العامريّ، و أبو سفيان بن حرب بن أمية، و معاوية بن ابي سفيان، و جهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، و من حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي.
ثم يذكر البلاذري أسماء اولئك الذين كانوا يكتبون للنبي(صلى الله عليه و آله) ثم يؤكد انه لم يتجاوز الذين كانوا يعرفون القراءة و الكتابة عند ظهور الاسلام الأحد عشر رجلا من الأوس و الخزرج(و هما القبيلتان المعروفتان اللتان تسكنان المدينة) ثم يذكر اسماءهم بعد ذلك.
و من كل ما سبق نعلم ان صناعة الخط كانت وردت الى البيئة الحجازية حديثا و ان الوضع كان بحيث إذا عرف احد الكتابة اشير اليه بالبنان، و انه لم يتجاوز الذين يعرفونها سواء في مكة أو في المدينة عدد الأصابع آنذاك، و لذا نجد التاريخ قد سجل أسماءهم، و لو كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) منهم لعرف بذلك حقا، و اذا لم يذكر في عدادهم فهذا يكشف بوضوح عن أنه(صلي الله عليه وآله) لم يكن يعرف قراءة أو كتابة.
في عهد الرسالة و خصوصا في المدينة
و بملاحظة مجموع القرائن ان الرسول الأكرم كان كذلك لا يعرف القراءة و الكتابة حتى في عصر الرسالة و إن كان العلماء المسلمون سواء الشيعة أو السنة يختلفون في ذلك إذ قد استبعد البعض ان لا يكون الوحي قد علمه كل شيء.
و قد جاء في بعض الروايات الشيعة أنه(صلي الله عليه واله) كان يقرأ في عصر الرسالة و لكنه لم يكن يكتب و منها ما رواه الصدوق في علل الشرائع عن أبي عبد الله(عليه السلام): "قال: كان مما منَّ الله عز و جل على رسول الله(صلى الله عليه و آله) أنه كان يقرأ و لا يكتب فلما توجه ابو سفيان الى أحد كتب العباس الى النبي(صلى الله عليه و آله) فجاءه الكتاب و هو في بعض حيطان المدينة فقرأه و لم يخبر أصحابه و أمرهم ان يدخلوا المدينة، فلما دخلوا المدينة أخبرهم".
و لكن سيرة زيني وحلان تنقل حادثة رسالة العباس بشكل يخالف رواية علل الشرائع فيقول:"و كتب العباس للنبي(صلى الله عليه و آله) و أخبره بجمعهم و خروجهم.. فجاء كتابه للنبي(صلى الله عليه و آله) و هو بقباء و كان العباس أرسل الكتاب مع رجل من بني غفار استأجره و شرط عليه أن يأتي المدينة في ثلاثة أيام بلياليها ففعل ذلك، فلما جاء الكتاب فك ختمه و دفعه لأبيّ بن كعب فقرأه عليه فاستكتم أبياً، ثم نزل(صلى الله عليه و آله) على سعد بن الربيع فأخبره بكتاب العباس فقال و الله إني لأرجو أن يكون خيرا فاستكتمه إياه".
هذا في حين يعتقد البعض أنه(صلى الله عليه و آله) كان في عصر الرسالة يقرأ و يكتب فيقول السيد المرتضى ـ كما ينقله البحار عنه ـ قال:"الشعبي و جماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى كتب و قرأ" و لعله هو يؤيّد ذلك بعد ان استند الى حديث الدواة و الكتف قائلا:"و قد شهر في الصحاح و التواريخ قوله(صلى الله عليه و آله): إيتوني بدواة و كتف أكتب لكم كتّاباً لن تضلوا بعده أبدا".
و لكن الاستناد الى حديث الدواة و الكتف ليس صحيحا فإنه ليس بصريح في ان رسول الله(صلي الله عليه وآله) أراد ان يكتب بيده. و لو فرضنا انه كان يريد ان يأمر بكتابة شيء مستشهدا الحاضرين عليه لكان تعبير"أكتب لكم كتابا..." صحيحا إذ هو من الإسناد المجازي ـ كما يصطلح عليه البيانيون ـ و هو من وجوه الفصاحة الشائعة في اللغة العربية و غيرها.
كُتّاب النبي
يستفاد من نصوص التواريخ القديمة الاسلاميه المعتبرة ان رسول الله(صلى الله عليه و آله) كان يملك كتابا في المدينة. و كان هؤلاء يكتبون الوحي و حديث النبي، و العقود و المعاملات بين الناس، و العهود التي كان يعطيها الرسول(صلى الله عليه و آله) للمشركين و أهل الكتاب، و دفاتر الصدقات و الضرائب و دفاتر الغنائم و الأخماس، و الرسائل الكثيرة التي كان(صلى الله عليه و آله) يرسلها الى الأطراف. و ها هو التاريخ ينقل لنا علاوة على الوحي الإلهي و الأحاديث الشفهيه له(صلى الله عليه و آله) الكثير من عهود النبي و رسائله.
فهذا محمد بن سعد في كتابه(الطبقات الكبيرة) ج2 ص 30-38 يذكر ما يقرب من مئة رسالة بمتونها. و بعض هذه الرسائل مرسل الى سلاطين العالم و حكامه و رؤساء القبائل و الأمراء الخاضعين للروم أو الفرس في خليج فارس و سائر الشخصيات و هي تدعوهم للإسلام او تمتلك صفة تعليم عام يمكن ان يشكل أصلا فقهيا و غير ذلك. و الكثير من هذه الرسائل معلوم الكاتب، إذ يذكر كاتب رسالة النبي(صلى الله عليه و آله) اسمه في آخر الرسالة و يذكر ان اول من نشر هذه العادة(أي كتابة اسم الكاتب في آخر الرسالة) هو أبيّ كعب الصحابيّ المعروف.
هذا و لم يكتب النبي بخط يده أيا من هذه الرسائل و العهود و الدفاتر، فإننا لا نجد موضعا يقال فيه ان رسول الله(صلى الله عليه و آله) كتب الرسالة الفلانية بخط يده. بل لم ير موضع يكتب فيه رسول الله(صلي الله عليه و اله) آيه قرآنية بخطه في حين ان كتاب الوحي كتب كل منهم قرآنا بخط يده.
فهل من الممكن ان يكون رسول الله(صلى الله عليه و آله) يعرف الكتابة و لكنه لا يكتب قرآنا أو سورة منه أو آية بخط يده.
و قد جاءت أسماء كتّاب الوحي في كتب التواريخ فيقول اليعقوبي في تاريخه: ـ "و كان كتابه الذين يكتبون الوحي و الكتب و العهود: علي بن أبي طالب، و عثمان بن عفان، و عمرو بن العاص بن أمية، و معاوية بن أبي سفيان، و شرحبيل بن حسنة، و عبد الله بن سعد بن أبي سرح، و المغيرة بن شعبة، و معاذ بن جبل، و زيد بن ثابت، و حنظلة بن الربيع، و أبي ابن كعب و جهيم بن الصلت و الحصين النميري".
مفهوم كلمة أمي
للمفسرين المسلمين في كلمة(أمي) ثلاثة تفسيرات:
التفسير الاول: غير المتعلم و غير العارف بالخط و الكتابة. و تؤيد الأكثرية هذا الرأي أو ترجحه على الأقل. و يقول المؤيدون إن الكلمة منسوبة إلي(الأم). فالأمي هو الذي بقي من حيث الإطلاع على الكتابات و المعلومات الإنسانيه على الحال الذي ولدته امه فيه. أو هي منسوبة إلي(الأمة) فالأمي من كان على شاكلة أكثرية الناس و هي لا تعرف القراءة و الكتابة في حين ان الذين يعرفونها قليلون. و هكذا يقال عن(العامي) الذي هو على شاكلة عامة الناس.
و قال البعض ان احد معاني الأمة هي الخلق فالأمي هو الذي بقي على الخلقة و الحالة الأولى من عدم المعرفة. و على اي فسواء كانت مشتقة من(أم) أو(أمة) و أيا كان معنى(الأمة) فإنها تعني غير الكاتب و القارئ.
التفسير الثاني: منهم أهل ام القرى
و مؤيدوا هذا التفسير ينسبون(امي) إلي(أم القرى) و هي مكة فقد جاء في سورة الأنعام الآية(92) قوله تعالى: (و لتنذر أم القرى و من حولها). و قد ذكرت الكتب القديمة هذا الإحتمال و أيدته بعض احاديث الشيعة و إن لم تكن معتبرة كما يقال ان للكلمه جذرا إسرائيليا.
و قد ورد هذا الإحتمال بأدلة:
الأول: ان كلمه(أم القرى) ليست علما خاصا بمكة و ان شملت مكة باعتبارها مركزا لقرى حولها، إذ أن أم القرى يعني مركز القري، فكل نقطة تشكل محورا لنواحي مختلفة يقال لها أم القرى. و يفهم من استعمال آخر لها في القرآن الكريم انها مجرد عنوان وصفي لا علمي، كما جاء في قوله تعالى: "و ما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا".
الثاني: ان الكلمة أطلقت في القرآن على أناس لم يكونوا مكيين كما في سورة آل عمران الآية 20 إذ يقول تعالى: (و قل للذين أوتوا الكتاب و الأميين أ أسلمتم) و منه يعلم ان الكلمة في عرف ذلك اليوم و عصر القرآن كانت تطلق على العرب غير التابعين لكتاب سماوي.
الثالث: ان القواعد الأدبية كانت تقتضي أن يقال قرويّ لا(أمي) لو كانت الكلمة مشتقة من(أم القرى) حسب قاعدة النسبة في علم الصرف و هي تقرر أنه عند النسبة للمضاف و المضاف اليه و خصوصا عندما يكون مضاف هو الأب أو الأم أو البنت، هذه النسبة تكون للمضاف اليه لا للمضاف فنقول في النسبة الى (أبي طالب) طالبي، و أبي حنيفة حنفي و بني تميم تميمي.
التفسير الثالث: المشركون العرب الذين لم يكونوا يتبعون كتابا سماويا، و قد وجدت هذه النظرية قديما لدى المفسرين إذ جاء في مجمع البيان في ذيل الآية(20) من(سورة آل عمران) التي تجعل الأميين في قبال أهل الكتاب و في قوله تعالى:"و قل للذين أوتوا الكتاب و الأميين". جاء فيه نسبة هذه الرأي الى أبي عبيدة في ذيل الآية(78) من سورة البقرة.
و الواقع.. أن هذا المعنى لا يشكل معنى مستقلا ثالثا بمعنى انه لا يسمي كل أناس لا يتبعون كتابا سماويا بـ(الأميين) حتى ولو كانوا عارفين عالمين. و إنما اطلقت على المشركين العرب لجهلهم, فمناط الاستعمال فيهم هو جهلهم بالقراءة و الكتابة؛ لا عدم اتباعهم لكتاب من الكتب السماوية.